مهارات الاتصال مع المريض
لقد دأب الأطباء على الاهتمام بالأمور المرئية على حساب الأمور غير المرئية وعلى التركيز على الأرقام والاعتبارات البدنية على حساب الجوانب الأخرى التي يتعرض لها المريض.
لقد شبه أحدهم المريض الذي يراجع الطبيب بسبب مرض مزمن كتلك الأمراض الفتاكة بمثال رائع حيث قال: إنه يأتي إليك ولسان حاله يقول... إن لكل منا قرص ( CD ) يتكلم عن حياته، أهدافه ومثله ومبادئه، أحلامه وطموحه، ماضيه وطفولته. ويقول يا دكتور لقد مزق هذا المرض حياتي الى أشلاء وقد تكسر هذا القرص (CD )، هل تستطيع أن تصلحه لي؟
هذا المثال يوضح لنا جليا أن المريض في الواقع لديه الكثير من الهموم والإشكالات التي تتعلق بحياته اليومية وليس مجرد أرقام وحسابات وعقاقير، يتوقع من الطبيب أن يساعده للتعامل معها.
وهنا نقدم بعض النصائح للطبيب أو من يقدم الرعاية للمريض من الأهل والأقارب ضمن مهارات الاتصال الناجح:
حاول أن تعطي وقتا كافيا للمريض. أحيانا قد لا يكون لديك الكثير من الكلام لتقوله، لكن الوقت الذي تقضيه مع مريضك، خصوصا عندما تزوره وهو على سرير الشفاء يلعب دورا هاما لتأصيل الألفة والمودة، وقد يساعده ذلك ليبوح إليك بنوازع نفسه وأحاسيسه.
اجلس الى جواره ولا تقف بعيدا
إذا شعرت أن المريض لديه ما يقوله، فلا بد أن تشعره بالاهتمام، وان تعطيه الوقت لذلك. حاول أن لا تقف بعيدا عنه بجانب الباب. اسحب مقعدا واجلس إلى جواره وحافظ على نفس المستوى الأفقي لعينيك وعينيه.
صافحه أو امسك بيده إذا كان الوضع ملائما، إن نبرة الصوت لها مدلولاتها. حاول أن تتكلم بهدوء وبصوت يعبر عن التعاطف والاهتمام. ابدأ حديثك مع المريض بطريقة السؤال المفتوح مثل: (كيف حالك اليوم؟)، (هل لديك أي شئ تحب أن تتحدث عنه أو تستفسر بخصوصه؟)، (حدثني، كيف أستطيع أن أساعدك ؟ أنا هنا لأخدمك) حسن الاستماع عامل أساسي للتعامل مع حاجات المريض المختلفة، تذكر أن المريض لديه الكثير مما يقوله، وهو بحاجة ماسة إلى من يستمع إليه.
حاول أن تلعب دور المستمع، واستعمل طريقة الاستماع الايجابي ، وهذا يعني الإصغاء باهتمام مع إضافة بعض التعليقات والأسئلة الموجهة أثناء حديث المريض، مثل: لابد أن هذا كان صعبا ومؤلما!! أنا أفهم كم كان هذا صعبا عليك!! ثم..... ماذا حدث؟ وماذا كان شعورك؟ نعم..... نعم!!
استخدم مفردات معبرة وصادقة
لاشك أن التعامل مع المريض ودعمه نفسيا يلعب دورا هاما في الحوار معه ورفع روحه المعنوية، وذلك من خلال استخدام عبارات ذات مدلولات صادقة ومعبرة مثل: أنا هنا معك ولن أتخلى عنك. أنا أتفهم كم وضعك صعب ولا يخفى علي ما تعاني منه. يهمني جدا أن أقف بجانبك وأقدم لك كل ما بوسعي.
لا تغادر الغرفة قبل أن تحدد خطة معينة مع المريض وتشعره أنه سوف يكون بأمان وأنه محط اهتمامك ورعايتك.
معنى الحياة وارتباطها بسر المعاناة
إحساس المريض بمعنى المعاناة لا يرتبط فقط بالمرض الذي يشكو منه، بل يرتبط أساساً بفقدانه معنى الحياة. وقد ضرب أحد المفكرين وهو فكتور فرانك مثالاً على ذلك حين ذكر بإحدى كتاباته أن ضحايا التعذيب في معسكرات التصفية في القرون الوسطى عانوا الكثير إثر ظروف التعذيب والاعتقال، إلا أن بقاءهم على قيد الحياة ارتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرتهم على السمو بأرواحهم وإيجاد معنى روحاني يرتبطون به في هذه الأزمة الصعبة، وهنا تلعب الخلفية الروحانية والدينية دوراً أساسياً للتغلب على هذه المحن والابتلاءات.
وأجريت العديد من الدراسات حول أثر العلاج الروحاني في العملية العلاجية، وقد أظهرت هذه الدراسات نتائج إيجابية وهامة، فقد تبين أن مريض السرطان أبدى المزيد من الرضا والسكينة وانخفض معدل الألم لديه لمدى توفير الدعم الروحاني لديه بما يتوافق مع معتقداته وشعائره الدينية.
كرامة المريض وحق الرعاية الطبية
في خضم العملية العلاجية كثيراً ما يفقد المريض حقه في المعاملة الطبية ويفقد صلاحيته في اتخاذ القرار المناسب فضلا عن الاحترام والتقدير الذي يستحقه كإنسان. عندما يتقدم المريض للعلاج فهو في الحقيقة يدفع الثمن من أول يوم يخضع فيه للعلاج، فهو يتقبل في البداية روتين المستشفى والانتظار الطويل للعيادة حتى يأتي دوره.
هناك فرق كبير بين أن تكون مريضاً بحاجة إلى علاج وبين أن تشعر أنك تعامل كنكرة وأنك لم تعد ذلك الشخص الذي اعتدت عليه مما يؤدي حتماً إلى الشعور بالعزلة والإحباط وينعكس سلباً على الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي.
في إحدى الدراسات أشار معظم المرضى إلى أن الشعور بالكرامة يرتبط أساساً في أن يعاملوا باحترام وتقدير وأن لا يشكلوا عبئاً على أحد. وعلى هذا الأساس، تتشكل قدرة الكادر الطبي على احترام قيم المريض ورؤيته كشخص لا كمريض ومعاملته كإنسان لا كحالة طبية عاملاً أساسياً في الحفاظ على كرامة المريض.
((power))[]